التعلم الذاتي هو عملية تعليمية تتجلى في بناء معارفك بنفسك عن طريق الكتب والدوارات المصورة فحسب …
بإيجاز فالتعلم الذاتي هو عملية أو طريقة تعلمية دون أستاذ خارج المدرسة بطريقة غير نظامية[1].
أنا واثق من أنّك تعرف شخصاً أو شخصين أو أكثر أو قرأت عن عالم كان عصاميّا (العصامي تعني الشخص الذي يعلم نفسه بنفسه ويبنى معارفه بنفسه) طوّر مهاراته عن طريق البحث والمطالعة والمثابرة،
إذا رجعنا إلى الوراء أي الماضي سنجد أنّ أغلب الفلاسفة والعلماء كانوا عصاميين إلى درجة لا تصدق، وكانوا يقرؤون كثيرًا حتّى طورا مواهبهم ومهاراتهم، وأصبحوا مشهورين في العالم وبسببهم وصل العلم إلى ما وصل إليه اليوم.
في وقتنا الحالي، يمكن أن نصبح أحسن منهم بفضل الكم الهائل من المعلومات في شتى المجالات : هناك كتب وفيديوهات ودورات مجانية على الشبكة العنكبوتية يُمكن أن نستفيد منها في أي وقت وفي أي مكان، ما يلزمنا في الحقيقة هو الشغف والفضول المعرفي والرغبة في النجاح.إضافة إلى الربط بالإنترنيت.
بعكس الطرق والمناهج التقليدية المستعملة في المدارس اليوم، التي تقتُل ذكاء المتعلم وفضوله المعرفي بالاختبارات والضغوطات النفسية.
محتوى المقالة
فوائد التعلم الذاتي
- يُساعد التعلم الذاتي في تطوير مهارات حل المشكلات.
- لا يوجد هناك ضغط نفسي في التعلم الذاتي، لأنّك أنت من تختار كيف ومتى وأين تتعلم.
- لا وجود في التعلم الذاتي للامتحانات التي تُسبب القلق والضغط النفسي.
- يُساعدك التعلم الذاتي في اكتساب مهارات عدّة من أجل التقدم في حياتك المهنية.
- تزيد فكرة التعلم الذاتي لديك من الرغبة في تعلم أشياء جديدة، لأنّك أنت من يختار المادة المدروسة.
- أنت من تختار الطريقة التعليمية، إمّا باستخدام الكتب وإمّا بمساعدة الأشرطة المصورة على اليوتيوب، وإمّا بواسطة الدوارات الموجودة على بعض المواقع المتخصصة في هذا المجال، مثل: Udemy و Linkedin Learning.
ما هي مهارات التعلم الذاتي
هنالك عدة مهارات للتعلم الذاتي من أجل التعلم بطريقة فعالة، و تتجلى هذه المهارات في:
الفضول المعرفي
إنّ أول خطوة من أجل أن تتعلم أي شيء في حياتك هي الفضول والرغبة في المعرفة، وبفضل الرغبة والفضول والحافز الداخلي تستطيع أن تستمر في العملية التعليمية دون ملل.
بطبيعة الحال، لا يستطيع أن يتعلم الإنسان ويستمر في هذا الأمر دون فضول ودون طرح الأسئلة. إضافة إلى ذلك، الهدف من التعلم، أي في ماذا سوف تفيدنا المعارف التي سوف نكتسبها ونتعلمها؟ بعض الأسئلة التي عليك أن تطرحها على نفسك:
- لماذا أنا بحاجة ماسّة إلى التعلم؟
- ما الشيء الذي يجعل التعلم مهارة ضرورية؟
- ما الفائدة من التعلم في الواقع؟
فعلًا، فإنّ الأشخاص الذين لا يتمتعون بالفضول المعرفي الكافي، لا يستوعبون المعلومات كما يجب ويتذكرون فقط القليل منها عند الحاجة إليها؟
لهذا السبب، يُعّد التعلم الذاتي أمرًا جيدًا، لأنّه يُشعرك بالفضول ويدفعك لطرح أسئلة لن تتجرأ عن طرحها في الفصل الدراسي أمام زملائك، ممّا سوف يؤثر في العملية التعليمية الخاصة بك وسيجعلك غبيّا مدى الحياة.
تحديد أهداف التعلم
يُساعدك تحديد أهداف واقعية وقابلة للتحقيق من التركيز وتحسين إنتاجيتك، وخصوصًا إذا نوعت في طرق التعلم(البيداغوجيا الفارقية).
إنّ عملية تحديد الأهداف تسمح لك بالعمل على تحقيقها على نحو أفضل. فعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا أردت أن تتعلم إحدى اللغات البرمجية، حاول أن تُحدد هدفًا من أجل إنشاء تطبيق باستخدام هذه اللغة. وإذا كنت تتعلم إحدى اللغات الأجنبية، فعليك أن تخصص وقتًا كافيًّا من أجل استثماره، وذلك عبر كتابة مقالات قصيرة، أو قراءة بعض الكتب باللغة التي تتعلمها أو التواصل مع الأجانب باستخدام إحدى وسائل التواصل الاجتماعي…
تُمكنك عملية تحديد الأهداف في إنماء حافزك، وهذا الأخير سوف يدفعك إلى تحقيق أهدافك وطموحاتك.
اختيار مراجع موثوقة ودقيقة
إذا اخترت أن تكون شخصًا عصاميًّا، أي تتعلم بنفسك دون معلم، فمن المهم أن تتحقق صدق ودقة الكتب والأدوات والدورات التي سوف تساعدك في عملية التعلم.
إضافة إلى ذلك، ينبغي لك أن تبحث عن المراجع الذي سوف تسهل عليك عملية التعلم لئلا تفقد الحافز وتستمر في هذه العملية، أي التعلم الذاتي.
خلافًا للتعليم التقليدي، يسمح لك التعلم الذاتي أن تبدأ وتتوقف متى أردت. لذلك، حاول ألاّ تفقد التركيز وابتعد عن المشتتات التي تفقدك تركيزك.
كيف تتيقن من مصداقية ودقة الكتب والدورات التي سوف تتعلم بفضلها؟
طرق التحقق من مصداقية المراجع
- انتبه إلى المعلومات القديمة وغير الصحيحة، لأنّ الإنترنيت مملوء بالمعلومات الخاطئة والتضليلية.
- القي رؤية عن المراجع المستعملة من طرفك.
- اقرأ فقط المقالات العلمية المنشورة على المجالات العلمية المشهورة.
- استخدم منصات التعلُّم عبر الشبكة العنكبوتية، مثل: Udemy و Lynda.com.
لا تؤجل العملية التعليمية إلى الغد
كلمّا أجلت العملية التعليمية، سوف تجد صعوبة في البَدْء. لذلك، ننصحك أن تبدأ الآن وحالا، ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، بتعبير آخر ابتعد عن التسويف.
بطبيعة الحال، تُعّد المماطلة أو التسويف من أعداء النجاح، وإذا واصلت الاستمرار في التأجيل فلن تحقق أهدافك وطموحاتك إطلاقا، وسوف تبقى هذه الأحلام والأهداف والطموحات حبراً على ورقة أو عالقة في ذاكرتك مثل ذكرياتك السيئة.
نَفَّذ ما تعلمته على أرض الواقع
كما هو معروف، فإنّ أحسن طريقة للاحتفاظ بالمعلومات لمدة أطول، أو مدى الحياة، هي استخدامها في الحياة اليومية واللجوء إليها عند عملية النقاش مع الأصدقاء أو غيرهم.
بطبيعة الحال، فإنّ تطبيق ما تعلمته في الحياة اليومية يساعدك على ترسيخ هذه المعلومات. على سبيل المثال لا الحصر، إذا كنت تتعلم إحدى اللغات الأجنبية، حاول أن تتكلم بها مع أصدقائك أو مع أصحاب اللغة أي أجانب على وسائل التواصل الاجتماعي.
هذه الطريقة، سوف تزيد من ثقتك بنفسك، وسوف تجعلك تُرسخ في ذاكرتك ما تعلمته. يُمكن كذلك للتعلم الذي يحتوي على مشروعات أن يساعدك في اكتساب الخبرات وأنت في مرحلة التعلم.
فعلى سبيل المثال، إذا كنت تتعلم إحدى اللغات البرمجية، فعليك استغلال ما تعلمته بإنشاء تطبيق بواسطتها.
هذا الأمر سوف يحافظ على تحفيزك وسوف يدفعك لكي تتعلم أشياء جديدة حتّى تصبح محترفاً وخبيراً في هذه اللغة البرمجية بالتدريب ومع مرور الزمن.
التعاون مع متعلمين آخرين خلال العملية التعلمية
تُساعد المجمعات على المنتديات أو مجموعات الفيسبوك على الالتقاء بأشخاص شغوفين بالمجال نفسه الذي تهواه، ويمكن لهم أن يساعدوك في اختيار أحسن الدورات أو الكتب الذي ستساعدك في العملية التعليمية الخاصة بك. لذلك، جرب أن تتعلم برفقة أشخاص يقاسمونك نفس الرغبة والشغف نفسه. إذن، ما هي فوائد التعلُّم التشاركيّ:
فوائد التعلُّم التشاركيّ
- التعرف إلى مراجع ودورات لم تكن تعرفها.
- نقل ومشاركة المعرفة والمعلومات بسهولة.
- تُساعدك المناقشة حول مفهوم ما من تعميق معارفك والتعرف إلى وجهات نظر مختلفة.
- يُساعدك تبادل المعلومات من إثراء الرصيد المعرفي.
حاول أن تشارك المعارف التي تعلمتها
يقول آينشتاين:
“إذا لم تكن قادرًا على شرح الأشياء بسهولة بالغة. فهذا يدّل على أنّك لم تتعلمها بما يكفي.”
إنّ الاستمرار في عملية التعلم، ونقل ما تعلمته لأشخاص آخرين يساعدك في الاحتفاظ بالمعلومات وفي التخلص من المعلومات القديمة التي ثبت عدم صحتها. حينما تحاول أن تشرح شيئًا مّا لشخص مّا، سوف يزيد مستوى فهمك لما تشرحه.
كما هو معروف، فأحسن طريقة للاحتفاظ بالمعلومات لوقت أطول هي تمريرها للآخرين أو استعمالها في نقاشاتك معهم. كما قلنا آنفا، فإنّ التعلم التشاركي مهم جدًا من أجل الحصول على أفكار جديدة ومعلومات كنت تجهلها، ومراجع مفيدة من أجل تعميق معارفك في المجال الذي تريد.
في الوقت الحاضر، أصبح من السهل على الجميع أن يتعلم أي شيء بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وفقط إذا كان فضوليًّا ومثابرًا ومجتهدًا ولديه الرغبة في تحقيق أهدافه.
كما تعرفون أولا تعرفون، فإنّ الشيء الوحيد الذي يتكاثر إذا تقاسمناه هو المعرفة.لذلك، إذا أردت أن تزيد من معارفك، حاول أن تلتقي بأشخاص شغوفين في المجال نفسه الذي تحبه …ويمكن لك أن تجتمع بهؤلاء الأشخاص على عدد كبير من المجموعات على الفيسبوك أو على تلغرام أو على المنتديات المتخصصة في المجال الذي تريد أن تعمق معرفتك فيه.
خلاصة القول
أصبح اليوم التعلم يسيرًا للغاية وكلنّا نستطيع أن نطور مهاراتنا وأن نتعلم لغات جديدة، فقط إذا كنا نملك ثلاث أشياء: الفضول المعرفي، والرغبة، والشغف. بفضل الإنترنت، يمكننا أن نتعلم ما نشاء، وفي الوقت والمكان الذي نريده، فقد تلزمنا الرغبة.
المراجع: