التسويف (أو المماطلة) هو عملية تتجلى في تأجيل أو تأخير ما يجب أن نفعله الآن إلى وقت مُتَأَخِّر لا يَسمح بإنْجاز أَيّ شيء.
من الناحية العلمية، يُشير التسويف إلى شكل من أشكال الفشل في ضبط النفس، الذي يتميز بالتأخير غير المنطقي للقيام بالمهام بالرغم من العواقب السلبية المحتملة إثر ذلك.
في الحقيقة، لا تُعد المماطلة علامة على وجود مشكلة مّا. بل هو مجرد عادة سلبية يستسلم لا أغلب الناس من وقت إلى آخر.
يُعد التسويف واحد من بين العراقيل التي تمنعنا من النهوض باكرا واتخاذ القرار الصحيح وتحقيق أحلامنا.
بعض البحوث العلمية، أظهرت أنّ الإنسان يندم على الأشياء التي لم يفعلها في الماضي أكثر من الأشياء التي يجب أن يفعلها الآن. إضافة إلى ذلك، فالشعور بالندم والذنب يمكن لهما أن يستمرا ما دمنا أحياء.
في بعض الأوقات، على الرغْم من أنّ الفرص في متناولنا، إلاّ أنّنا لا نجتهد من أجل الوصول إليها. عندما تماطل، فأنت تضيع وقتاً ثميناً للغاية لا يمكن تعويضه إطلاقا.
لهذا السبب، عليك أن تتخلص من عدوك الثاني في الحياة بعد الشيطان، أي التسويف.
بطبيعة الحال، فأغلب الناس اليوم مصابون بهذه العادة السلبية المحفوفة بالخطر، ويحاولون جاهدين التخلص منها. لأنّ القضاء على التسويف هو أول خطوة من خطوات النجاح.
محتوى المقالة
أسباب التسويف
في أغلب الأحيان، يُنظر إلى قوة الإرادة على أنّها السبب الرئيس وراء التسويف، أمّا الحافز الداخلي فهو الشيء الذي يُمكنه أن يساعدنا في التخلص من عادة تأجيل ما يجب أن نفعله الآن إلى اللحظة الأخيرة.
جهل قيمة الوقت
جميعنا نُولد ونعيش، ثم نموت. هذا يعني أن الوقت الذي سوف نقضيه على الأرض قصير ومحدود للغاية. لذلك، نقول إن الوقت أثمن ما نملك في هذه الحياة الفانية.
بطبيعة الحال، أنا لا أتفق مع الأغبياء الماديين الذين يقولون إن الوقت من ذهب. بل الوقت أغلى من الذهب بملايين المرات.
نستطيع أن نجمع المال وأن نصبح أغنياء. ولكن لا نستطيع أن نشتري سنوات أو أياماً بالمال الذي جمعناه طول حياتنا. لهذا السبب، عليك أن تُدرك أنّ كل لحظة تمر هي جزءاً من عمرك الذي سوف تعيشه على كوكب الأرض.
الاكتئاب
يُمكن أن يتسبب الاكتئاب في المماطلة. فالشعور بفقدان الأمل أو الضعف أو فقدان الطاقة يُمكنهم منعك من القيام بمهامك على نحو أفضل[1].
إضافة إلى ذلك، يُمكن للاكتئاب أن يُسبب لك الشك في الذات عندما تجد صعوبة في إتمام إحدى المهام، ممّا يجعلك تفقد الثقة بنفسك وبقدراتك الخاصة. كل هذه العوامل، سوف تدفعك دون أن تشعر إلى تأجيل هذه المهام إلى وقت آخر.
اضطراب الوسواس القهري
غالبًا ما يعاني أصحاب اضطراب الوسواس القهري المماطلة.
كما هو معروف، فإنّ الوسواس القهري يرتبط ارتباطًا كبيرًا بسوء التكيف والكمالية غير الصحية، ممّا يدفع صاحبه إلى الشك بخصوص ما يفعله، والقلق بشأن توقعات الآخرين عنه.
فعلًا، يميل الأشخاص المصابون بالوسواس القهري إلى التردد، ممّا يجعلهم يؤجلون الأعمال إلى وقت لاحق عوضا عن اتخاذ قرار في اللحظة الحاضرة.
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
قد يُعاني المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه التسويف.
عندما يتشتت انتباه المصابين باضطراب فرط الحركة بسبب المُحفزات الخارجية، والأفكار الداخلية، فقد يجدون صعوبة في بَدْء مهمة مّا، لا سيما إذا كانت هذه المهمة صعبة أو غير ممتعة بالنسبة إليهم.
13 سبب آخر وراء التسويف
بالإضافة إلى الأسباب التي ذكرناها آنفا، فهناك عدة مشكلات أخرى من المحتمل أن تُسبب لك التسويف أو المماطلة:
- لا تعرف ماذا تريد.
- لا تعرف كيف تُنجز المهمة.
- لا ترغب في القيام بأي شيء (الكسل).
- لا تهتم إذا أكملت المهمة أو لا (عدم المبالاة).
- أنت معتاد على التأجيل إلى اللحظة الأخيرة.
- تظن أنّك تعمل أحسن عندما تكون تحت الضغط.
- تعتقد أنّك تستطيع أن تنجز المهمة في اللحظات الأخيرة (الثقة الزائدة في النفس).
- تفتقر إلى المبادرة.
- تنسى على الدوام.
- تُلقي اللوم على المرض أو عجز مّا في الجسم.
- تنتظر الوقت المناسب بالنسبة إليك.
- تظن أن بحاجة إلى وقت أكثر من أحل أن تنجز مهمة مّا.
- تُؤجل مهمة وتبدأ في أخرى (لا تنظم وقتك).
ما هي أنواع التسويف؟
يُقسم بعض الباحثين التسويف إلى جزأين: التسويف السلبي والتسويف الإيجابي.
التسويف السلبي
يتجلى التسويف السلبي في تأجيل إنجاز المهام بسبب الصعوبة في اتخاذ القرار والعمل على إتمامه.
التسويف الإيجابي
يتمثل التسويف الإيجابي في تأجيل المهام عن قصد، لأنّ العمل تحت الضغط يسمح لك بالشعور بالحافز والتحدي لإتمام المهام بأسرع ما يمكن.
أنواع المماطلين
هناك عدة أنواع للمماطلين، وكل واحد منهم لديه صفة تميزه عن الآخر.
الشخص الكمالي
يؤجل الشخص الكمالي المهام خوفا من ألاّ ينجزها على أحسن ما يرام.
الحالِم
يُؤجل الشخص الحالم المهام لأنّه لا ينتبه إلى التفاصيل.
المُتَحَدِّي
لا يحب الشخص المتحدي أن يملي عليه شخص مّا جدوله الزمني.
الشخص القلق
يُؤجل الشخص القلق المهام بسبب الخوف من التغيير أو ترك منطقة الراحة الخاصة به.
صانع الأزمات
يُؤجل صانع الأزمات المهام، لأنّه يحب العمل تحت الضغط.
المبالغ
يُؤجل الشخص المبالغ المهام، لأنّه يحاول إيجاد الوقت المناسب لبدء المهمة وإكمالها.
طرق التخلص من التسويف
على الرغْم من أنّ له أضراراً شديدة الْخَطَر على صحة الإنسان كليًّا، إلاّ أنّه يمكننا أن نتخلص منه ومحاربته إذا أردنا ذلك باتباع العادات التالية:
ضع قائمة بالمهام
تُساعدك قائمة المهام في توجيهك لكيلا تضيع وقتك في التفكير: ماذا سأفعل مساء وماذا سأفعل غدا…
قسم المهام التي عليك أن تقوم بها
قسّم المهام الموجودة في قائمتك حسب الأولويات من المهمة إلى الأقل أهمية، وهكذا دواليك.
لا تستسلم إلى التفكير السلبي
عليك أن تنتبه إلى الأفكار السلبية، لأنّ بسببها يُمكن أن تؤجل المهام أو لا تنجزها إطلاقا.وتبنى التفكير الإيجابي.
تخلص من المشتتات التي تضيع وقتك
عليك أن تتعرف إلى الأشياء التي تضيع وقتك دون فائدة، مثل الهاتف أو التلفاز أو مشاهدة مباريات كرة القدم…
كافئ نفسك عند الانتهاء
عندما تُنهي مهمة بنجاح، هنأ وكافك نفسك بشيء تحبه.
العَلاقة بين التسويف والكسل
في أغلب الأوقات، يُؤجل المماطلون القيام بالمهام حتّى آخر لحظة، أو يقضون وقتهم في التحديق إلى الحائط فحسب. إذن، فالتسويف ليس مرادفًا للكسل إطلاقا.
في الواقع، الأشخاص الكسالى لا يفعلون أي شيء. ومع ذلك، يشعرون أنّهم بخير بالرغْم من كسلهم. أمّا المماطلين فيملكون الرغبة في إنجاز المهام، ولكن لا يستطيعون إجبار أنفسهم على القيام بها.
لذلك، عليك أن تستعمل كلمة التسويف عوضا عن الكسل. لأنّ التعرف إلى المشكلة وتحديدها بدقة، هو أول خطوة للتخلص منها للأبد.
العَلاقة بين التسويف والاسترخاء
أغلب الناس يُخلطون بين التسويف والاسترخاء. يُشير الاسترخاء إلى العملية التي تساعد الجسم في استعادة طاقته، في حين أنّ التسويف يستنزفك هذه الطاقة الثمينة.
كما هو معلوم، كلما نقصت طاقتك، زاد الضغط النفسي والاكتئاب لديك، ممّا يؤدي بك إلى تأجيل المهام التي عليك إنجازها الآن.
أضرار التسويف
يُصبح التسويف شديد الْخَطَر عندما يتدخل في قراراتك ويمنعك من تحقيق أهدافك. وفي بعض الحالات الأخرى المحفوفة بالخطر، يُصبح جزء أساسياً من أسلوب حياة بعض الأشخاص.
لسوء الحظ، يُمكن للتسويف أن يؤثر في عدد كبير من جوانب الحياة، بما في ذلك: التأثير على الصحة النفسية للشخص وحياته الشخصية والمهنية … فضلاً على ذلك، يُمكن للتسويف أن يصيب الشخص كذلك ب:
- الضغط النفسي.
- الاستياء من الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل…
- تراكم الفواتير المتأخرة …
- ضياع الأهداف.
- تضيع الوقت.
- الاكتئاب.
- الإصابة بالتفكير السلبي.
- تبني التشاؤم في حياتك.
- الندم عن الوقت الذي ضيعته.
خلاصة القول
بالرغْم من أنّ التسويف عادة مشتركة عند عدد كثير من الناس، إلاّ أنّها شديدة الْخَطَر، ويُمكن لها أن تمنعنا من تحقيق أهدافنا العالقة في مخيلتنا.
أخيرا وليس آخرا، عليك أن تتأمل هاتين الحكمتين:
لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد.
يقول الفيلسوف لوكيوس سينيكا:
المراجع:بينما تضيع وقتك في التردد والتأجيل، فإنّ حياتك تنقص.
سينيكا